flower love
المتصفح : الهواية : 15 0 العمر : 31
| موضوع: مفهوم خاطئ في الاِستخارة الإثنين فبراير 08, 2010 8:46 am | |
| إنّ من محاسن شريعتنا الغرّاء ( الشريعة الإسلامية ) : صلاة الاستخارة ، التي جعلها الله لعباده المؤمنين ، إلا أنّ كثيراً من الناس قد زهد فيها ، إمّا جهلاً بفضلها و أهميتها ، و إمّا نتيجة لبعض المفاهيم الخاطئة التي شاعت بين الناس ممّا لا دليل عليه من كتاب و لا سنّة ، و هذا ما أردت التنبيه إليه في هذه العجالة ، فمن هذه المفاهيم :
1- اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة إنّما تُشرع عند التردد بين أمرين ، و هذا غير صحيح ، لقوله في الحديث : (( إذا همّ أحدكم بالأمر..)) . و لم يقل ( إذا تردد ) ، و الهمّ مرتبة تسبق العزم ، كما قال الناظم مبيّناً مراتب القصد :
مراتب القصد خمس : (هاجس) ذكروا فـي (خاطر) ، فـي (حديث النفس) فاستمعا ، يليه ( همّ ) فـي ( عزم ) كلها ، رُفعتْ سوى الأخير ففيه الأخذ قــد وقعا .
فإذا أراد المسلم أن يقوم بعمل ، و ليس أمامه سوى خيار واحد فقط قد همّ بفعله ، فليستخر الله على الفعل ثم ليقدم عليه ، فإن كان قد همّ بتركه فليستخر على الترك ، أمّا إن كان أمامه عدّة خيارات ، فعليه أوّلاً ـ بعد أن يستشير من يثق به من أهل العلم و الاختصاص ـ أن يحدّد خياراً واحداً فقط من هذه الخيارات ، فإذا همّ بفعله ، قدّم بين يدي ذلك الاستخارة .
2- اعتقاد بعض الناس أنّ الاستخارة لا تشرع إلا في أمور معيّنة ، كالزواج و السفر و نحو ذلك ، أو في الأمور الكبيرة ذات الشأن العظيم ، و هذا اعتقاد غير صحيح ، لقول الراوي في الحديث : (( كان يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها.. )) . و لم يقل : في بعض الأمور أو في الأمور الكبيرة ، و هذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس يزهدون في صلاة الاستخارة في أمور قد يرونها صغيرة أو حقيرة أو ليست ذات بال ؛ و يكون لها أثر كبير في حياتهم .
3- اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة لا بدّ لها من ركعتين خاصّتين ، و هذا غير صحيح ، لقوله في الحديث : (( فليركع ركعتين من غير الفريضة.. )) . فقوله : " من غير الفريضة " عامّ فيشمل تحيّة المسجد و السنن الرواتب و صلاة الضحى و سنّة الوضوء و غير ذلك من النوافل ، فبالإمكان جعل إحدى هذه النوافل ـ مع بقاء نيتها ـ للاستخارة ، و هذه إحدى صور تداخل العبادات ، و ذلك حين تكون إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها كصلاة الاستخارة ، فتجزيء عنها غيرها من النوافل المقصودة .
4- اعتقاد بعض الناس أنّه لا بد من انشراح الصدر للفعل بعد الاستخارة ، و هذا لا دليل عليه ، لأنّ حقيقة الاستخارة تفويض الأمر لله ، حتّى و إن كان العبد كارهاً لهذا الأمر ، و الله عز و جل يقول : (( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)) (البقرة:216) . و هذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس في حيرة و تردد حتى بعد الاستخارة ، و ربّما كرّر الاستخارة مرّات فلا يزداد إلا حيرة و تردّداً ، لا سيما إذا لم يكن منشرح الصدر للفعل الذي استخار له ، و الاستخارة إنّما شرعت لإزالة مثل هذا التردد و الاضطراب و الحيرة .
5- اعتقاد بعض الناس أنّه لا بدّ أن يرى رؤيا بعد الاستخارة تدله على الصواب ، و ربّما توقّف عن الإقدام على العمل بعد الاستخارة انتظاراً للرؤيا ، و هذا الاعتقاد لا دليل عليه ، بل الواجب على العبد بعد الاستخارة أن يبادر إلى العمل مفوّضاً الأمر إلى الله كما سبق ، فإن رأى رؤيا صالحة تبيّن له الصواب ، فذلك نور على نور ، و إلا فلا ينبغي له انتظار ذلك . هذه بعض المفاهيم الخاطئة حول صلاة الاستخارة ، و التي قد تصدر أحياناً من بعض المنتسبين للعلم ، ممّا يؤصّل هذه المفاهيم في نفوس الناس ، و سبب ذلك التقليد الجامد ، و عدم تدبّر النصوص الشرعية كما ينبغي ، و لست بهذا أزكي نفسي ، فالخطأ واقع من الجميع .
هذا و من أراد الاستزادة في هذا الموضوع فليراجع كتابي : ( سرّ النجاح و مفتاح الخير و البركة و الفلاح ) ، و هو كتيّب صغير الحجم ، ففيه المزيد من المسائل المهمة ، و الشواهد الواقعية الدالة على أهمية هذه الصلاة ، و فهم أسرارها و مراميها ، و الله تعالى أعلم .
الشيخ: د . محمد بن عبدالعزيز المسند المصدر : شبكة نور الإسلام | |
|